يورغن هابرماس : العقلانية التواصلية في ظل الرهان الإتيقي في نقد العلموي والديني والسياسي - علي عبود المحمداوي والناصر عبداللاوي
تعرضت الحداثة منذ تبلورها التدريجي في التاريخ الحي والفكر الأوروبي منذ القرن الخامس عشر الميلادي لأعمق وأقسى أنواع النقد في السياق الثقافي الألماني لدرجة يمكن فيها القول بأن تاريخ تطور الحداثة هو في نفس الوقت تاريخ نقدها في هذا السياق.
ولعل فكرة التواشج والتوازي بين تبلور الحداثة وبين نقدها هي إحدى أعمق الأفكار الفلسفية التي يطورها هابرماس في كتابه "الخطاب الفلسفي للحداثة"، والتي ينبش أصولها لدى هيجل، ويعمق النقاش فيها من خلال مساهمة فلاسفة ألمان معاصرين هم Gexent وBlumenberg، وهي الفكرة التي عبر عنها الأخير تعبيراً فلسفياً عميقاً هو "مشروعية العصور الحديثة".
ومهما يكن من أمر، ومن خلال قراءة فكر هابرماس من خلال أعماله، فإن ما أتت به يتمحور حول تمثل الذات مشترطة الفضاء الأيتيقي، كمجال لتشكل العلاقات بين البشر من حيث هي إيتيقيا تخص مواطنين ملتزمين بتحديد قرارات مشتركة ومعقولة في إطار منافسة مفتوحة للكل وفي جميع المنابر العمومية.
من هنا تم حرص مجموعة الباحثين والمفكرين المشاركين في هذا العمل والذين تناولوا فكر يورغن هابرماس في هذا العمل، وفي مجال المنهج المنظم لأدراقهم البحثية مراعاة تلك النزعة التأليفية والتركيبية التي اختبرها هابرماس في وعي "التفكير الذاتي" الذي يجد مصادره الأولى في الوعي التراتسند نتالي (التراث الكانطي) ورفع منهج الكتابة لما يسميه هابرماس المادة البنى الايتيقية وفق معايير اللغة في رؤية تأويلية تجد صلابتها النظرية في "بعد ماركس" مثرياً ذلك بمتيدولوجيا - ألسنية معاصرة.
هذا التطور من الفهم يعدّ طريفاً بما أن الحوار والنقد وإعادة النهي الايتيقية ورهاناتها العملية تجعل المشروع التواصلي يتجاوز الفهم المتسرع، الذي يعتبر أن الذات تأصيل كيان تستمد شرعيتها من أسسها ومبادئها دون الإلتزام بالآخر كشرط لنقاش أساسي في رسم جغرافية العقولية التواصلية.
يحاول هابرماس أن يقف على الراهن الذي دفعه للخوض في جملة هذه المسائل المعقدة من الناحية البراغماتية بإعتبارها لم تعد تنطوي على معاني صورية خارقة لقيم الممارسات العملية، ومن الجلي أن هذه المفهومية مثلث نقطة التحول التي باشرها هابرماس في ذلك الإنزياح من "الوعي" إلى "للغة" وخاصة الإنزياح من الإستعمال "السيمنطيقي" إلى الإستعمال "البراغماتي" للغة.
في إطار هذا الترصيف النظري والإشكالي تم تحديد عنوان الكتاب على الصيغة "يورغن هابرماس" العقلانية التواصلية في ظل الرهان الاتيقي في نقد العلموي والديني والسياسي، وهو يجمع الأفق التواصلي والأيتيقي بما استدعي إمكانية النقاش بين المشاركين والفاعلين في الفضاء الرمزي والعمومي، ما اقتضى ذلك في ضرورة التوظيف الإيتيقي بإعتباره المسار الأكسيولوجي الذي يضمن المعقولية التواصلية وفق شروط مسبقة قبلياً.
ولتذليل هذا الرهان الفلسفي لخطاب هايرماس تمّ تخيّر المواضيع التالية التي تم إختبارها في أعمال المؤلفين، والتي تم تبويبها من جهة الصلاحية البنائية بمقتضى الضرورة المنطقية والمعرفية، حيث تفرع عنها ثلاثة أبواب، تستوفي من ناحية البناء شروط المتفاعل العلموي والديني والسياسي.
وجاءت عناويناً على النحو التالي: 1-هابرماس في سياقه... الحداثة والتواصل وما بعد العلمانية، 2-هابرماس محكوم وحاكم في رحاب أصوله ومعاصريه، 3-ترجمات لنصوص هابرماس وعنه.
للإطلاع على مزيد من إصدارات الدار
للإطلاع على مزيد من مؤلفات الكاتب
العلاقنيه ، التواصليه ، السياسي