بحثا عن بدائل : أوضاع العالم 2018 - برتران بادي و دومينيك فيدال
وقد جنَّدَت هذه الطبعة من "أوضاع العالَم" مَعارِف من مَيادين وحقول متعددة، فالتاريخ والإقتصاد وعِلم الإجتماع والعلوم السياسيّة، وكذلك الحقوق والفلسفة والتكنولوجيا، تُسهم كلّها في تعقُّل عوامل الكبح والعرقلة ونتائجها، وكذلك، فإنّ أزمة التَّناوُب والخلافة تصبح قائمة على المستويات كافّة: السياسيّة والإقتصاديّة والمجتمعيّة والثقافيّة والإعلاميّة... وأخيراً فإنه لا غنى للتفكير عن أن يكون مُقارناً لتناول هذه الحالة المَرَضية والإعراب عنها.
بين العوامل والميكانيزمات المُولدِّة يتداخل فساد "الفكر الأوحد" وعبثه، بثقلِ البنيات الإقتصاديّة، وبالمفاعيل الميكانيكيّة للتآكلات السياسيّة، وبالعَماوَة في مُواجَهة العَولَمة، وبالهواجس والوساوس المُرتبِطة بالهويّة، ورداءة التكوين المؤسّسيّ، وفشل "الحَوْكَمَة" الكَوْنيّة: ثمّ إنّ توصيف التناوبات والإستخلافات البائسة إلى هذا الحدّ او ذاك ["كالمُثُل" والنماذج الشيوعيّة، وكاللّيبراليّة الجديدة (أو النيو - ليبراليّة) التي تخلف القديمة "بعد شدِّ بَشَرَتَها وإخفاء تجاعيدها"، و"الربيعات" العربيّة، والحركات القوميّة الجديدة والسيادات الجديدة، والتجارب الصينيّة والألمانيّة والكوبيّة والأميركيّة اللاّتينية...]، يكشف تنوُّع هذه المعوّقات والعراقيل، وثمّة محاولات تجاوز لا تزال هشّة ويُخشى أن يتسارع إليها العطب [كالأُممية الجديدة، والتَّعْبِئات البيئيّة، أو مثل مُعاوَدة النَّظر في الحركات المُناهِضة للعَوْلَمة، ومثل آفاق البدائل في الحياة اليوميّة، والإصلاحات المتنوّعة...] لكنْ هل تراها تتيح لبارقة أمل بأن تلوح؟...
بفضل البحّاثة والصحافيّين المُجتمعين حول برتران بادي ودومينيك فيدال، فإنّ طبعة هذا العام من أوضاع العالم 2018 تقدِّم تحليلاً سديداً مُستنيراً تُعارِض به رؤية "قُضي الأمر" الإستسلاميّة، بما يتيح رُؤية المستقبل بنفاذِ بصيرة ووضوح.