لطالما حاز الإنسان على مكانة خاصة ضمن النسق الطبيعي، واُعتبِر منذ فجر التاريخ محور الأحداث ومحرّك التاريخ وصانع الثقافة. في كنف الطبيعة تكوثرت قدرات الإنسان وترعرعت طموحاته وتعدّدت نزوعاته، حينئذ بسط الإنسان سلطته على المجال، وسعى بشكل حثيث للبرهنة على أنه صاحب السيادة ومالك مفاتيح تسخير جُمع عناصر الطبيعة. بهذا الاعتبار، ستمسي الطبيعة مجرّد موضوع تابع، كأنها وجدت في الأصل لكي تشايع رغبات الإنسان، ولم يعد الأخير مجرّد جزء لا يتجزأ من نسق الطبيعة، بقدر ما صار عنصراً متعالياً عن النظام الطبيعي وتضافرت أمامه السبل لكي يعيد ترتيب منزلته ضمن هذا النسق، ليكرّس بفعل ذلك ضرباً من العلاقة التراتبية أو قل الهرمية.فلا خلاف إذن على الرهان المعقود على تحسين الوضعية وتجويد ظروف الأفراد والجماعات والدول، ظلت على الدوام تضطلع بدور مركزي وتكتسي فعالية توجيهية معتبرة في طبيعة الصلات والروابط التي تعكس دور الإنسان ضمن المنظومة البيئية، لهذه الاعتبارات أمست جملة المكونات الطبيعة ومواردها مشروعة ضمن صيرورة لامتناهية من الاستغلال الكثيف والاستنزاف المتواصل.