أريد لهذا البـوح أن يكـون صـدى لنفسي. أريده معبراً عـمـا اعـتـور حيـاتي.
أريده صـورة للحقيقة. أليست الحقيقة كما الغانية؛ يستوي جمالهـا عاريةً أو متدثرة؟
أتيح لي أن أعـرف دار الإسلام. درجـت في رحـاب دار المخزن بمغربنـا الأقصى، وتقلبـت في البـلاد مـن مغربنـا العامـر، أقصـاه وأوسطه وأدناه. وعشـتُ بالمحروسـة ردحـا مـن شـبابي، وأقمـت بهـا شـطـرا مـن كهولتـي، وجـاورت بالمدينة المنورة بعـد إذ أديت فريضة الحج، وحللت برحاب الدولة العلية وشددت الرحال إلى بيت المقدس.
بلاد الإسلام معهـودة لـدي. وأشـعر أن السـدى الجامع للمسلمين أخـذ ينحـل، وعروتهـم تنفصـم، وأن مغربنا أضحـى غرضا للطامعين مـذ حـل الإفرنج بالمغرب الأوسط واحتلوا أرضـه.
بيد أن شرورنـا نحـو أنفسنا أسـوا مـن الأطماع المتربصـة بنـا. فما نفعلـه بأنفسنا أسـوأ مـما يفعلـه العـدو بنـا. نمكنـه مـن أمرنـا بتناحرنا وجهلنـا وجهالتنـا. نحـجـم عـن رؤية الحقيقة، ونتحايل عليها بإلقاء اللوم على الغير .