غولدا نامت هنا - سعاد العامري
تجد نفسك، وأنت تطالع هذا الكتاب، أمام حكاياتٍ بلا عدد، تتالى كيفما اتفق، في يومياتٍ ومشاهداتٍ ومروياتٍ توثّقها سعاد العامري، في جولاتٍ لها مع أصدقاء وصديقات لها في القدس وغيرها، عن بيوت عربية يسكنها محتلون إسرائيليون، وتملكّوها بقانون الغلبة والاحتلال، فصادروا قصص أصحابها ومالكيها وساكنيها الفلسطينيين، في عملية محو وعدوان على ذكريات الفلسطينيين، ليس بحسبانهم جموعاً وشعباً، فقط، بل باعتبارهم أفراداً، لكل منهم أشياؤه وممتلكاته الشخصية. ثمّة احتفاءٌ غزير في سرد سعاد العامري في كتابها بالفلسطيني شخصاً مفرداً، لا بإحالته إلى شعبٍ نُكب بالاحتلال والتهجير والطرد. تُطالع في الكتاب فيضاً من وقائع الفقد والخسران والألم، ولا يتم التعبير عن هذا كله بكيفيةٍ واحدة، ذلك أن الرواة مختلفون، والحكواتية الساردة التي تسمع وتشاهد أمينةٌ في نقل ما تسمع وتشاهد، وباسترسالٍ حر كأنه في هواء طلق، ومن دون استعانةٍ بأي مجازٍ أو بلاغة، إذ يكفي الإحساس الكابوسي، أحياناً، والهزلي الضاحك أحياناً أخرى.
فلسطين - حضور الغياب