وادي الدوم - علاء فرغلي
وتحكى الرواية، قصة "الدّوْمَة"، وهى بقعة أرض بِكْر فى عمق الصحراء، تحتضنها جُروفُ الصّخرِ وكثبانُ الرمال، وتكتنفها أحراجُ النخيل والأكاشيا. واحةٌ رَبَّانِيّة، تؤتَى ماءَها من عينٍ فيّاضةٍ، لا يَدا تغرسُ، أو مِنْجلاً يحصد.
يعثرُ عليها دليلٌ صحراوى مولَعٌ بالسفرِ يدعى شاهين، قبل نحو مئة وعشرين عاما، خلال بحثه عن واحة "زَرْزورَة" الأسطورية التى تَناقلَ الشوّابُ والحكَّائون أخبارها، وتحدَّثَتْ عنها كتُبُ الرحّالةِ عَبْر القرون.
يقيمُ الشاهين واحتَه، عند منتصف طريق القوافل بين واحات الداخِلة وأراضى ليبيا، ويسميها "الدّوْمة"، ويجلِبُ مَنْ يعاوِنه على بِنائها، ويسْتبقى بعضا من الطيبين الذين يحلُمون بالرضى والسلامِ وطمأنينةِ العيْش.
لكنّ هذه الصحراء القاسية برمالِها وغرودها وجبالها الوعرة، لا تُخفى "الدومة" عن الأعين المتربّصة، والأطماعِ الأزليّة، بلْ سَرعان ما تصيرُ هذه الواحة الصغيرة ملتقى لجيوش ولصوص وأغوار ومجاهدين. إنجليز وطليان وفاتحين "مَهْدِيين" وإخوان "سُنوسِيين" وقبائل مغيرة ومهربين، لكُلٍّ منهم شعاره ورايته ومطمعه. وتعبر "الدومة" هذه الوقائع الكبرى، واحدة بعد أخرى، حتى تتعرّض لقصف نارى فى بداية التسعينات، وهو الزمن الحالى للرواية، دون أن يعرف أحد مصدر هذه القصف أو أسبابه.
ومنذ يعثر الشاهين على "الدومة"، فى ثمانينيات القرن التاسع عشر، وحتى يفتح أحدُ الأحفاد راديو "الترانزيستور"، ليسمع أغنيّة "دورة الألعاب الإفريقية" بالقاهرة فى بداية تسعينيات القرن العشرين تدور أحداث الرواية. فكيف ستتشرّبُ "الدومةُ" كل هذا المزيجَ من البشر، وكيف ستصطبغ حياتها بلون هذه الوقائع الكبرى، وكيف سيقاوم أبناؤها من أجلِ البقاء؟