تزخر المكتبة العربية بالمئات من كتب المساعدة الذاتية (self-help) سواء المترجمة أو المكتوبة بالعربية، ومن المفترض أنها توجه الشباب والكبار نحو طرق تساعدهم على اتخاذ خيارات حياتية أفضل، وقرارات تتسم بالحكمة ولا يعبقها ندم. بيد أن هذه الكثرة المتنامية من هذا المحتوى التثقيفي لا تزال بحاجة إلى عينٍ ناقدة وقلم خبير بمفاوز ودهاليز الأسس والأفكار الفلسفية والنفسية الكامنة وراءها، وما مدى جدوى هذه الكتابات في عالم اليوم، وما الآثار المترتبة على اتباع النصائح الجاهزة التي تقدمها، وهل فعلًا تؤتي الثمار التي تزعم أنها تقدمها لقارئها…إلخ هذه الأسئلة التي يتطلبها الاشتباك النقدي مع هذا الإنتاج الذي يحظى بقطاع عريض من القراء.
فيما يلي من صفحات يأخذنا تود سلون بخبرته النفسية والسوسيولوجية العميقة في جولة نقدية لعلم نفس اتخاذ القرار، موضحًا الأسس الكامنة خلفه، ونقاط القصور والضعف المتأصلة في الجهاز المفاهيمي والفكري الذي قامت عليه هذه الكتابات.
إن سلون في هذا الكتاب تعمد ألا يقدم للقارئ قوالب ونصائح جاهزة من جنس ما ينتقده على كتب علم النفس الشعبي وغيرها من الكتابات، بل هو بالأحرى يدفع القارئ للتفكير النقدي ويفتح أمامه آفاق أرحب مما تقدمه هذه الكتابات، فهو كتابٌ – كما يصفه بنفسه – “دليل ضد أدلة المساعدة الذاتية anti-guide”.
وفي الختام، أنوّه إلى أننا آثرنا أن يكون العنوان “خيارات الحياة: اتخاذ القرار وخداع النفس“؛ وهو عنوانٌ أقرب إلى عنوان النسخة الأقدم من هذا الكتاب، كما أننا رأيناه يقرب للقارئ محتوى الكتاب ومضمونه.