الجدل الإسلامي المسيحي في القرن الثالث الهجري

الجدل الإسلامي المسيحي في القرن الثالث الهجري

بائع
دار الكتاب الجديد
سعر عادي
82.50 SR
سعر البيع
82.50 SR
تكلفة الشحن ستحسب عند اتمام الدفع
يجب أن تكون الكمية 1 أو أكثر

"صدرت الطبعة الأولى من كتاب (الردّ على النصارى) لعليّ بن ربّن الطبريّ سنة 1959 في دوريّة جامعة القدّيس يوسف ببيروت. وقد اعتنى بنشر تلك الطبعة الأبوانِ غلوم كوتش وأغناطيوس عبده خليفة اعتمادًا على نسخةٍ وحيدةٍ محفوظةٍ في مكتبة شهيد علي بإسطنبول، وهي مبتورة الآخِر. وقد اقتصر عمل الأبوينِ على الإحالة على نصوص العهدينِ القديم والجديد المذكورة في الردّ، ولم ينتبها إلى تكرار بعض الجمل، ولم يسعيا إلى إصلاح ما لا يستقيم من التعابير أو لفت نظر القارئ في الأقلّ إلى ذلك، وهو الأمر الذي أضرَّ بأقدم أثرٍ في ميدان علم الأديان المقارن، وهو غير مطعونٍ البتّة في صحّة نسبته إلى صاحبه الذي اعتمد فيه على معرفةٍ مباشرةٍ لنصوص الكتاب المقدّس ولعقائد النصارى. وعلى الرغم من صدور هذه النشرة قبل نصف قرنٍ أو أكثر إلّا أنّها لم يُكتَب لها الذيوع، حتّى إنّ أحد الأساتذة (المتخصّصين) عَدَّ كتاب (الردّ على النصارى) للطبريّ مفقودًا [تُراجَعُ مقدّمة (النصيحة الإيمانيّة) لنصر بن يحيى المتطبِّب، دار الصحوة، 1986، ص30-31].
أمّا كتاب (الدّين والدولة في إثبات نبوَّة محمّدٍ صلّى الله عليه وسلّم)، فقد حظي بما لم يحظَ به كتاب (الردّ على النصارى)، فقد ترجمه المستشرق منغانا إلى الإنجليزيّة ونشر الترجمة في مانشستر سنة 1922، ثمّ نشر نصَّ الكتاب العربيّ في مطبعة المقتطف بمصر سنة 1923م بلا تعليقاتٍ أو هوامشَ على غير ما فَعَلَه في النشرة الإنجليزيّة، وصدرت الطبعة في 144 صفحةً عن نسخة عدَّها منغانا وقتئذٍ فريدةً. ثمّ صدرت طبعتانِ أُخرَيانِ للكتاب في المكتبة العتيقة بتونس ودار التراث ببيروت بلا تاريخٍ، وهما طبعتانِ مصوّرتانِ عن طبعة منغانا لكن دون ذكرٍ لذلك. ثمّ صدرت عن دار الآفاق الجديدة ببيروت سنة 1973 الطبعة الشعبيّة للكتاب بعناية عادل نويهض، ولم تكن لها من مزيّةٍ سوى توفير نسخٍ من نشرة منغانا التي أعادت دار النشر صفَّها مكرِّرةً أخطاء نشرة منغانا، وهاضمةً لحقِّه.
من هنا كانت مهمّتنا في تحقيق هذين الكتابين غير يسيرةٍ؛ إذ كان علينا جمع هذه النشرات وقراءتها، ثمّ قراءة ما كُتِب عن الطبريّ بعد بحثٍ طويلٍ ومتأنٍّ عن آثاره المخطوطة. وقد يسّر الله لنا الحصول على أغلبها، وهي أعماله الطبّيّة والأدبيّة وتلك المتعلّقة بحقل الأديان المقارن. وانتهينا إلى جملةٍ من النتائج مفيدةٍ للدارسينَ في هذا المجال فصّلناها في تضاعيف العمل. ونذكر هنا خطّتنا في النشر:
1. لمّا كانت نسخة شهيد علي بإسطنبول مبتورة الآخِر، تتبَّعنا حضور النصّ في المدوَّنة الإسلاميّة والمسيحيّة، حتّى أوقفنا الله على مخطوطٍ يعود إلى القرن السابع الهجريّ حفظ لنا الكثير من نصوص الطبريّ، وهو كتاب الصفيّ بن العسّال (الصحائح في جواب النصائح). فلولا ابن العسّال ما استطعنا أن نُعيد بناء كتاب (الردّ على النصارى) للطبريّ، فقد حفظ لنا كتاب (الصحائح في جواب النصائح) الكثير من النصوص التي لم تَعُدْ موجودةً في النسخة الخطيّة الوحيدة للكتاب. وقد فعل ابن العسّال ذلك متابعًا نهج أسلافه كيحيى بن عديٍّ الذي حفظ لنا قدرًا كبيرًا من كتاب (الردّ على الفِرَق الثلاث) لأبي عيسى الورّاق. وقد عرضتُ ما وصلتُ إليه على الأب وديع أبي الليف في مركز الفرنسيسكان للدراسات الشرقيّة المسيحيّة المهتَمِّ بأعمال ابن العسّال، فقد كان من الذائع أنَّ هذا الأخير يردُّ على معاصرٍ له (هو تقيّ الدين الجعفريّ ت 688ه)، فسعدَ بهذا الاكتشاف الجديد. وكانت الخطوة التالية أن أُعيدَ بناء المفقود من كتاب (الردّ على النصارى) اعتمادًا على كتاب ابن العسّال، وقد نَهَجتُ في ذلك نهجَ جوزيف فان إس في إعادة بناء (الكتاب الأوسط في المقالات) للناشئ الأكبر من خلال ما حفظه ابن العسّال، وكانت النتيجة أن حصلنا على قدرٍ كبيرٍ ممّا فُقِدَ من نصوص الطبريّ أَعانَنا على تحقيق العمل على نحوٍ علميٍّ.
2. كانت النتيجة التي وصلنا إليها من خلال البحث عن مخطوطات الطبريّ أنَّ نسخة كتاب (الدين والدولة) التي اعتمد عليها منغانا لم تكن الوحيدة، بل هناك نسخةٌ أخرى قوبلت على نسخة المصنِّف يسَّر الله لنا الحصول عليها وكانت سببًا في تواصل الأستاذَينِ ديفِد توماس ورفعت عبيد معي من أجل إنجاز طبعةٍ مدقَّقةٍ لكتابَي الطبريّ، فأرسلتُ إليهما تحقيقي للكتابينِ، وقد أَتحفاني مشكورَينِ بملاحظاتٍ مفيدةٍ قوَّمتُ العمل على أساسها وصوّبتُ جملةً من الأخطاء التي وقع فيها منغانا وتمّمتُ نقص النسخة السابقة. وتفضّل الدكتور رضوان السيّد بمراجعة هذا العمل وكتابة مقدّمةٍ مطوّلةٍ تحدّث فيها عن أهمّيّة هذا التحقيق الجديد ومميّزاته، كما تفضّل ديفِد توماس بكتابة تصديرٍ لهذه النشرة بعد مطالعته للجهد المبذول فيها. وفي الأخير، نرجو أن نكون قد أحسَنّا خدمة هذينِ الكتابينِ المهمَّينِ."
خالد محمد عبده، محقق الكتاب