جينالوجيا الدين؛ الضبط وأسباب القوة في المسيحية والإسلام - طلال أسد
يقطع طلال أسد مع نوع من "الإثنوغرافيا الوصفية" التي تقتصر على الوصف فقط أو إعادة بناء مقولات "محلية" (مقولات تأويلية) وبانخراطه بصورة أكثر تحديداً في التقاليد الماركسية والفيتغنشتينية والفوكوية، وتبنيه لإثنوغرافيا نقدية فإنه فهم التصورات السائدة باعتبارها خطابات منخرطة في علاقات القوى التي تبني الواقع الاجتماعي. ومن هنا، فإنّ مهمّة عالم الإناسة هي فهم كيف تغدو مفاهيم الحقائق الاجتماعية وتأويلاتها مؤثرة وشرعية. وهذه مشروع يتطلّب -كما نعرف- تقصيًا كاملاً لجينيالوجا المفاهيم وخطاطات التأويل التي تتبلور في العديد من الممارسات والمؤسسات.
جاء الكتاب الذي ترجمه محمد عصفور في الحجم الكبير، ويتكون من 413 صفحة وأربعة أبواب تشمل الجينيالوجيات، والدين باعتباره موضوعًا أنثروبولوجيا، وأوضاعًا قديمة للطقوس المسيحية في العصور الوسطى، ثم ترجمات لبعض المفاهيم كمفهوم الثقافة أنثروبولوجيا، إضافة إلى مجادلات تهم موضوعات التعددية الثقافية والأدب والسياسة وغيرها.
ويُعَدُّ هذا الكتاب مرجعًا أساسيًّا لكل دارسي علم الاجتماع والأنثروبولوجيا، كما أنه من أبرز الإنتاجات التي تهم حقل أنثروبولوجيا الدين بشكل خاص. تلك التي تدرس الدين كظاهرة تاريخية مؤثرة ومتأثرة، كما أنها سعى إلى تحديد جينيالوجي للدين باعتباره مفهومًا تاريخيًّا، وهي منهجية نقدية تتبع التشكل التاريخي للمفهوم والسياقات الاجتماعية والثقافية التي تنتج تلك التعريفات، كما سعى طلال الأسد إلى تقديم قراءة إناسية لأشكال الضبط والقوة في المسيحية والإسلام.