وجاء في التقديم أن الكتاب في الأصل هو فصل مستلّ من كتاب دريدا الذائع الصيت "الكتابة والاختلاف" والذي صدر عام 1967. في هذا الفصل يمتزج التحليل النفسي، ميزة فرويد، بالتحليل التفكيكي، ميزة دريدا، حيث يتعرّض دريدا لمفهوم الكتابة الأقرب إلى نفسه أكثر من أي مفهوم آخر لديه، وصِلة الكتابة بالكلام، وبالتاريخ والسلطة... إلخ. وبذلك يحتلّ هذا الفصل/ النص المحوري في الكتاب مكانة استثنائية، ومرجعًا لدى المعنيين بالكتابة كقضية تاريخ وثقافة، وجنسانية، أيضًا. ومن هذه الزاوية، كانت الترجمة إلى العربية، إلى جانب التقديم والتعليق. وما يضفي على الكتاب اعتبارًا فكريًا مضاعفًا هو وجود نصوص أخرى لدريدا تتقدم هذا البحث، إلى جانب الملحق الذي يضم مقالين يضيئان عالم دريدا التفكيكي، ومن هذا الجانب المشار إليه.
وأضاف التقديم: ربما أمكن اعتبار بحث "فرويد ومشهد الكتابة" من الأبحاث الأكثر شهرة لجاك دريدا، ليس ضمن كتابه الريادي في تاريخه "الكتابة والاختلاف" فحسب، وإنما بالنسبة لمجمل أبحاثه الصغيرة، أيضًا، وذلك لحظة النظر في حجمه، مقارنة بالأبحاث الأخرى، وجرّاء كثافة الاهتمام به، والإحالة إليه، ليكون قاعدة انطلاق لافتة لدريدا، في محتواه، بصدد هذا المشكل/ المعضل الذي انهمَّ به، وأشغل أذهان الآخرين: من مستويات فكرية ونقدية وأدبية، وحتى لسانية محضة، كافة، أي ما يعنيه الاختلاف بالفرنسية، كتابةً، وما تنطوي عليه الكتابة من مفارقات الدلالة، في الآثار التي تترتب على عملية التفكيك لها. ومن يمعن النظر في نصوص دريدا، في مقابلاته، وهواجسه الكتابية، يتلمس مدى رهانه على مسألة الكتابة، لجعْلها كتابة أخرى