يتابع المؤلف في هذا العمل نقده للفلسفة الغربية الذي ابتدأه بــ الأخلاق والعقل وتابعه في الفلسفة والمسألة الدينية، يتركّز التحليل النقدي في هذا العمل على أهم القضايا التي أثارها بعض كبار الفلاسفة الغربيين في مجال الفكر السياسي، كقضية الأساس الأخلاقي للإلزام السياسي وحدود السلطة السياسية وإرتباط هذا بالديمقراطية، وقضية الحرية والحقوق الفردية، وقضية العدالة والمساواة، وقضية علاقة الفرد بالمجتمع، وقضية العلمانية وما يترتب عليها بخصوص تحديد دور الدين في المجال العام.
يستأثر الفكر الليبرالي بالنصيب الأكبر من هذا التحليل النقدي، كونه الفكر السائد في الغرب، دون أن يعني هذا إهمال نقاد الفكر الليبرالي من أصحاب التوجه الماركسي وأصحاب النظرة الإجتماعية - المتحدية.
يستفيد المؤلف من نقد الأخيرين للّيبرالية، مع تحفّظه على بعض جوانب هذا النقد، ليخلص إلى تبني موقف يحتفظ بأهم ما يقدّمه الفكر الليبرالي بخصوص تقليص مجال السلطة السياسية وبأهم ما يقدّمه نقّاد هذا الفكر بخصوص توسيع مجال المساواة.
ما يبرز من خلال تطويره لهذا الموقف هو أن التوتر المزعوم بين الحرية والمساواة يقوم على فهم الليبرالي الضيق للحرية الذي يستفيد مفهومها في معناه السلبي.
يطور المؤلف تصوراً إيجابياً للحرية يقضي بأن يكون الشخص الحر هو الذي يمتلك القدرات الضرورية لتحقيق غاياته المفضلة بالطرق المفضلة بمنأى عن تدخل الآخرين، ما يترتب على هذا التصور هو لزوم خضوع القوة السياسية والقوة الإقتصادية على حدٍّ سواء للقوة الإجتماعية، إذ بهذا وحده تصبح الحرية قرينة المساواة.