الحبُّ ليس سوى حاضر مستقرّ في الماضي، الوجيعة ليست سوى الوجه الآخر للفرح، الأنثى الحبيبة والرفيقة ليست سوى الأمّ بكلّ حضورها وتناقضاتها. ولقد شكّل هذا المتنُ الرّائع، على قصره، منعطفا هامّا وجوهريّا في أدب كريستيان بوبان، فرغم حضور موت الحبيبة والرّفيقة المكثّف فيه، إلاّ أنّه، في عمقه، مديحٌ بالغ الرّفاهية للحياة وتفاصيلها، وكأننا بالكاتب يذكّرنا بأهميّة تدوين تفاصيلنا الصغيرة، قبل الكبيرة، مع المحبوب، بل وكأنّهُ يدعونا إلى أن نتحدّث عن موت من نحبّ، كما نتحدّث عن ترنّم العنادل في أفنانها، وتمايل رؤوس الأشجار في أمسيات الرّبيع، ومقالب الأطفال حين يرغبون في مشاكسةِ ذويهم.على أننا ننبّهُ إلى مسألة جوهريّة بخصوص هذا الكتاب: من يبحثُ عن أجوبةٍ حول الحياة والموت، فلن يعثر على ضالّته ههنا، فكريستيان بوبان، بلغته الآسرة، وشعريّته المتدفّقة العالية، يحدّدُ لنا معالم الطريق، ويدعونا إلى التوغّل فيها، لكي نكون على صورة “غيزلان” حبيبتهُ، امرأة ذاقت الموت بيد أنّها ظلّت …على قيد الحياة!