اعتبر كثيرون أن كتاب "ليه تسي" ملحمة عظيمة في تاريخ الصين القديمة، ورائعة من الروائع النثريّة، حيث تناول مؤلّفه فيه نشأة العالم التي لخّصها بنظريّة الطاويّة، وتعني طريق الحياة أو نهر الحياة الذي يجري فينا وفي الكون ليزيدنا معرفةً وحكمة، إذ كلّما نتأمّل أكثر نحصل على قدر أكبر منها، ونقترب أكثر من السعادة الحقيقية والكمال الحقيقي.
ورأى أنّ العالم الواقعيّ يحكمه جوهر موحّد، يتمثّل في الطاويّة، التي لا شكل لها ولا صورة، لكنها تؤلّف أصل التغيّرات والتحوّلات للكائنات كلّها في العالم. وقد ورث ليه تسي ما كان شائعا عند الفلاسفة الذين سبقوه من الأفكار الجدليّة، فاعتقد أن كلّ الكائنات في العالم تتحرّك وتتغيّر بلا انقطاع وبلا بداية ونهاية، وبينها ما هو فائض وما هو خاسر، وبينها تناقضات وتحوّلات أيضا، وما هو حيّ وما هو ميّت. فكلّ مادّة وحركة في العالم قابلةٌ في رأيه لتحويلها من هيئةٍ إلى أخرى.
وتطرّق ليه تسي إلى العلاقة بين تهذيب النفس وتطبيق الطاويّة، التي كان ينتهجها المفكّرون من المدرسة نفسها في عصر ما قبل أسرة تشين الملكيّة، وأكّد أنّ الطاويّة لا يمكنها أن تُدْرَك بالعواطف العاديّة، إذ لا بدّ للإنسان أن يعتمد أكثر على تفكيره العقلانيّ لمعرفة الأشياء الخارجيّة، وأن يخضع لقوانين الطبيعة مثل المياه الجارية، ويتمثّل بالعالم الواقعيّ تمثّلا صادقا مثل المرآة الصافية.
احضان