إنّ هذا الديوان _ الذي أعتبره جغرافيا شعرية _ يُعتبر سبقاً إبداعياً كسر جفاف السائد والمألوف من الأعمال السابقة لغيره ، وجاءنا محلّقاً على أجنحة الشعر ، واتّساع فضاءات الإبداع مستمدّاً وهجه " الاستثنائيّ " من إلمام معايشة صاحبه ومعرفته لطبيعة مكونات هذه المنطقة .
وحسب تصوّري سيجد القارئ لهذا العمل الشعريّ " المجغرف " متعةً قرائيةً حين يجد أنّ موهبة الشاعر محمد إبراهيم يعقوب قد استطاعت أن تلبس جفاف المادة العلمية " الجغرافية " عباءة الشعر الشفافة الأنيقة ، وأن تحلّق به على قمم الجبال الملتحفة بالغيوم ، والمؤطرة بألوان قوس قزح ، وانهمار الأمطار الذي يجري في شرايين الأودية ومنعطفات الشعاب ، ويُغذّي تربة السهول المزدهية بالاخضرار وجودة العطاء .
من خلال هذا الديوان سينتعش مزاج القارئ حين تفوح في أنفه رائحة البنّ الجبليّ الأصيل ، وتتلمظ شفتاه لطعم سكرية المانجو ، ونكهة قنوان الموز وعناقيد العنب ، ويشتاق إلى مواعيد قطافها حين تجود . ستنتعش حاسة أنفه بعبق روائح الفلّ والكادي