«نقد العقل الزنجي» يقدم خلاصة نظرية عميقة لأبحاثه الفكرية السياسية من منظور الدراسات ما بعد الكولونيالية التي يمثل أحد أبرز ممثليها في الساحة الأفريقية. يذهب مبمبة في كتابه الأخير إلى أن العالم الراهن سائر في اتجاه تعميم الظرفية الزنجية التي اصطنعتها الرأسمالية التجارية الغربية في عصر توسعها الحديث، عندما محت في أول مرة في تاريخ البشرية الحدود بين الإنسان والشيء المادي مخترعة «الإنسان - الآلة» و«الإنسان - العملة». لا فرق بين الرأسمالية المتعولمة والروح الوثنية التي تتغذى من القرابين البشرية، باعتبارها بحاجة دائمة إلى إنتاج أنماط سفلى من البشر معرضين للإهمال والتجاهل والضياع.
وما يخلص إليه الفيلسوف الكاميروني في نظريته النقدية لمفهوم «الزنوجة» بدلالته الواسعة هو أن المرحلة الراهنة من تحول الغرب الرأسمالي أفضت إلى انبثاق أزمة عميقة في حركية الزمن العالمي بين رهانات الديمقراطية والذاكرة والتصور الكوني لمستقبل جامع بين البشر في مجموعه.
والمفارقة القائمة هنا هي أن الغرب الذي منح للبشرية النسق الدلالي والمفهومي للعالمية المشتركة أي الكونية المتقاسمة أصبح اليوم عاجزاً في لحظة العولمة التي هي محطة اكتمال مشروع الحداثة المعممة عن الدفاع عن القيم التنويرية والإنسانية التي هي الخلفية المعيارية والفكرية لتلك الديناميكية.