البيوسيميائيات من الطاقة إلى المعنى - حسيب الكوش
شهدت السيميائيات في العقود الأخيرة تحولا ابستيمولوجيا دالا، تجسد في انتقالها من إبدال منهجي وإجرائي في تحليل الخطابات داخل العلوم الإنسانية إلى برنامج للبحث العلمي داخل مختبرات العلوم الحقة، وفي هذا الإطار تكامل المسعى الرياضي الوصفي على مستوى بناء نماذجها مع الإمكانات التجريبية لمختلف المباحث الدقيقة: الأنساق المعقدة (complexes systems)، المعلوميات والتحسيب (computation)...وبيولوجيا المعرفة (bio-cognition)، في هذا الإطار يندرج الانشغال النظري والمنهجي للبيوسيميائيات، حيث تلتحم الإواليات السيميائية والبيولوجية لإعادة صياغة إشكالات الأنساق الحية الطبيعية والاصطناعية: ما هي الحياة باعتبارها ظاهرة سيميائية؟ كيف تتولد المعرفة التجريدية من طاقة فزيائية وكيميائية؟ لماذا تحتفظ الطبيعة ببنيتنا الجوهرية رقميا؟ ما هو المشترك المعرفي بين العلامات الإنسانية والحيوانية والنباتية؟ هل هناك إمكانية لحياة اصطناعية لا تتمثل النموذج الأرضي للحياة التي نعرفها؟ إن الأمر لا يتعلق بأسئلة ميتافيزيقية، ولكن بمرونة ابستيمولوجية تموضع السؤال الأساسي للسيميائيات وفق صياغة يوري لوتمان: لماذا نحن هنا؟ وهل من معنى لذلك؟ وما هو المسلك لإدراكه؟