
أسماء عزايزة كاتبة فلسطينية فقدت والدها في عام 2019، كما يُفهَم من سرد الأحداث وسياقاتها. كتبت هذا الفقد وتجربتها في الحزن، متخذةً من يومها الأخير مع والدها منطلقًا للسرد ونقطة إحالة محورية.
الكتابة عن الفقد حزينة بطبيعتها، وتأخذ هذه الكتابة أثرًا أكبر حين تكتبها شاعرة، كما هو حال أسماء عزايزة.
في الكتاب، ستقرأ عن فلسطين ومجتمعها في القرية، وشيءٍ قليل من عاداتهم ومحكيهم في الموت والعزاء. كما أن لغة الكاتبة في مواضع كثيرة كانت رائعة، واستطاعت أن تكتب نصًا جميلًا.
هذا على سبيل التقديم والإشادة والتعريف، لكني على صعيد شخصي لم أستطع أن أحب الكتاب. وجدته حزنًا غاضبًا، وكأنه وُلِد غضبًا، ثم جاء الحزن ذريعة له للانفجار بهذا الشكل. ولذا، لم يصلني النص كما يليق به أن يصل إلى العالم؛ رثاءً أدبيًا، ولم يصلني حزنًا فرديًا يشجي.
في طيات الفصول، شكت الكاتبة من ردّ الفعل هذا حين نشرت بعض أفكارها على وسائل التواصل. لقد خرج غضبها الحزين وكأنه سخط أيديولوجي على الدين والمجتمع والناس.
محاولة الاشتغال البحثي مع النص جعلته ينفلت في تناقضات تضع الكاتبة في موضع المحاكمة؛ ففي حين تسخط على أمور دينية حول الموت وتفسيراته وحقائقه، تتمسك بتحجج طفولي بفكرة تناسخ الأرواح وعودتها.
المراوحة بين السرد والبحث الميتافيزيقي جاءت ضعيفة ومكررة، وأخذت من حجم النص أكثر مما تستحق، حتى صارت حشوًا أضعف النص. ولو كُثّفت الكتابة بإعمال المزيد من الحذف، لاستطاعت كتابة نصٍّ سرديٍّ متجاوزٍ للأنساق، مكثفٍ ومتماسك.
في الكتابة الرثائية عن الآباء، يبحث القارئ عن صورة المرثي ليشارك الكاتب في الاقتراب من حزنه، لكن صورة الأب هنا تكاد لا تُرى، وعلاقة الأب بالكاتبة تظهر كومضة سريعة ثم تختفي، فينفرد القارئ بالقراءة عن حزن أسماء المحض أكثر من القراءة عن حدادها على أبيها. بدت لي الكاتبة وكأنها أرادت المشاركة في الكتابة الرثائية في وقت مبكر، قبل حتى أن يموت والدها، وهذا ما جعل النص يبدو مصنوعًا بشكل كبير، واتّقدت ناره على حزن غاضب.