مذكراتي : نصف قرن من تاريخ العراق والقضية العربية - توفيق السويدي
ما من شك ولا شبهة في أن مذكرات المغفور له توفيق السويدي المسماة، نصف قرن من تاريخ العراق والقضية العربية، تعدّ من أهم المذكرات التي أصدرها السَّاسة العراقيون حتى الآن، أو التي أبصرت النور بعد غيابهم عن هذا العالم المليء بالدسائس والإفتراءات والمبالغات. وأن القارئ ليجد في هذه المذكرات الضخمة أخباراً جليلة ومعلومات كثيرة ومادة تاريخية دسمة لمن يريد أن يؤرخ العراق في النصف الأول من القرن العشرين، ولا سيما وقد ألف صاحب هذه المذكرات ثلاث وزارات في العهد الملكي الزائل وكان وزيراً للخارجية في عدة وزارات فيه، كما كان موضع ثقة المرحوم عبد المحسن السعدون ومشورته في وزارة الأربع التي ألفها بين العامين 1922 و1929، وهو يحكم ثقافته الواسعة وحنكته السياسيّة اللامعة وإتصالاته المعروفة وتمثيله العراق في عددٍ من الجامعات الدولية والعواصم الكبرى وإلمامه بكيفية العراق الحديث ورسوخ ما رسخ من أموره الإدارية والتهذيبية والتشريعية والدفاعيَّة. وعلى وجه العموم فإن توفيق السويدي يكاد يكون موسوعة عراقية قائمة بنفسها منذ تأسيس نظام الحكم الملكي فيه في 23 آب من عام 1921 حتى زوال هذا النظام بقيام الجمهورية العراقية في فجر اليوم الرابع عشر من تموز سنة 1958، يضاف إلى ذلك أنه كان أول من نادى بالعروبة وبإستقلال العراق في المؤتمر العربي الأول الذي عقد في باريس عام 1913 يوم كان يدرس في السوربون كان أترابه يدرسون في جامعات اسطنبول الحربية والحقوقية ومع أنى لم أتتلمذ على المغفور له توفيق السويدي، ولم أكن موظفاً تحت إدارته وإنما كنت اتصل به كثيراً وأسمتع إلى أحاديثه طويلاً فإني أشهد شهادة حق بما دوّنته أعلاه خدمة للحق والإنصاف يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.