بركة الماء هذه هي مصب لأنهر مخاوفي الجارفة على أبي. الأصداء التي تولّدها أصوات "المُعالجات بالماء" وصوتُ أطراف الأجساد وهي ترتطم بسطحه في هذا المكان المسقوف، دون شباك واحد، تُحدِث ضجةً تبعث شعورًا بالقيامة. فأنا كلما رافقت أبي لعلاج قدمه الزاحفة أو حتى أمي لعلاج ظهرها المائل لا أفكر إلا بالموت. ولا أعرف إن كان هذا التفكير الممسوس نابعًا من خوفي من موتهما أم من خوفي من الماء نفسه. فتخميناتي قادتني إلى أنّي في حياة سابقةٍ مُتُ غرقًا، فكنتُ في طفولتي أخاف من لحظة الاغتسال ومن انهمار الماء على وجهي. وربما في أكثر المشاهد بُعدًا عن الموت، سيجد طريقه ويحضر. تسبح أمي في الماء ، كاشفةً عن رقبتها الغضة، فتبدو من الخلف وهي تخبئ تجاعيد وجهها، مثل صبية عشرينية. لكني أنظر إليها وأفكر في موتها ، أو في موت جدتي لأبي. وتعتريني شفقة قاتلة على الطفل الذي لم ينعم بوجهها لأنّها ماتت بالسل حين كان في السادسة، فلم يعلق في ذاكرته غير رائحتها. قرأءة المزيد