يعد كتاب رسالة في السياسة من الكتب المحورية في فهم الأسس التي تقوم عليها النظرية السياسية عند سبينوزا، طبعاً إلى جانب كتابه المحوري الآخر رسالة في اللاهوت والسياسة، حيث إنه قام في هذا الكتاب باستجلاء الأبعاد السياسية والاجتماعية والنفسية التي تتأسس وفقها أنظمة الحكم المختلفة وبخاصة النظام الملكي الذي كان سائداً خلال الفترة التي عاش فيها. إن مجال السياسة ، كما يرى سبينوزا هو مجال خاص بالسلطة الزمنية ، مجال دنيوي محدد، مجال يتصارع فيه البشر من أجل بلوغ الجاه والسلطة، وفي صراعهم هذا قد يستخدمون أكثر الأدوات وضاعة ودناءة، وبما أن هدف كل تنظيم اجتماعي هو بلوغ الدولة القوية فإن هذه الأخيرة ينبغي أن ترسي قواعدها بموجب عقد اجتماعي وليس على أساس عقد إلهي، كما يتوجب عليها أن تتعد برعاية حقوق رعاياها ، وأن تحكمهم بالإقناع، وأن تنمي فيهم الفكر الحر حتى في أكثر المجالات حساسية وهو مجال الدين، وأن تجعل العقل نبراسها في استلهام القوانين وسنّها لأن أخطاء العقل أخطاء بشرية يمكن تلافيها وتحسينها، أما الأخطاء الناتجة عن سوء تفسير التعاليم الدينية فقد تستمر لفترات طويلة لأن السلطة المفسّرة تنسبه إلى السلطة الإلهية وتحتمي بها، بل إنها قد تتخذ طابع القداسة فيصير من الصعب التخلص منها، وهنا مكمن الثورية الكامنة من هذا الكتاب. قرأءة المزيد