وكأن الخطاب، بدل أن يكون هذا العنصر الشفاف أو المحايد الذي يجرد فيه الجنس من سلاحه وتكتسب فيه السياسة طابعاً سليماً، هو أحد المواقع التي تمارس فيها هذه المناطق بعض سلطتها الرهيبة بشكل أفضل. يبدو أن الخطاب في ظاهره شيء بسيط، لكن أشكال المنع التي تلحقه تكشف باكراً وبسرعة عن ارتباطه بالرغبة وبالسلطة. وما المستغرب في ذلك ما دام الخطاب -وقد أوضح لنا التحليل النفسي ذلك- ليس فقط هو ما يظهر (أو يخفي) الرغبة، لكنه أيضاً هو موضوع الرغبة.
وما دام الخطاب -والتاريخ ما فتىء يعلمنا ذلك- ليس فقط هو ما يترجم الصراعات أو أنظمة السيطرة، لكنه هو ما نصارع من أجله، وما نصارع به، وهو السلطة التي نحاول الاستيلاء عليها.