فضولية العلم - سيرل آيدون
ما يلفت في كتاب سيرل أيدون "فضولية العلم" طريقته في الكتابة، التي تشبه "النص المترابط" الإلكتروني للكومبيوتر والانترنت. وإذ يقدّم عرضاً بانورامياً عن ألفي سنة من الاكتشافات العلمية، من مهوده الأولى في الصين والهند وبلاد الإسلام ومروراً بعصر النهضة وظهور العلم الحديث ومكتشفاته، فإنه لا يسير بالطريق التقليدية. لا يكتب ذلك التاريخ من البداية في الماضي ووصولاً إلى الحاضر، بل إنه لا يتبع تبويباً تقليدياً. ولا يتوزع الكتاب على أقسام وفصول.
يكتب أيدون تاريخ العلم فيوزعه إلى كمية كبيرة من المعلومات المستقلة. إنه كتابة التاريخ بالمعلومة. ويشرح معلوماته بطريقة سهلة، بحيث لا يفترض أن القارئ لديه معلومات مسبقة عنها.
كذلك يحرص على جعل المعلومة "صغيرة" ومستقلة، لكي يهضمها القارئ من دون أن يضطر إلى قراءة ما قبلها أو متابعة ما بعدها!
وهكذا، يتحول تاريخ العلم إلى شرح لمفاهيم أساسية في العلم، تعطي القارئ فرصة للتملك من اللغة الرائجة في الحديث عن العلوم. وبذا، يبسط المعلومات الأساسية التي تمكّن من فك "شيفرة" وأخبار العلم ونصوصه.
واستطراداً، فربما شكل الكتاب حدثاً ثقافياً بالنسبة للعالم العربي باعتباره نموذجاً أول بلغة الضاد عن هذه الطريقة في الكتابة. كما يطرح تحدياً على النظام التعليمي العربي بأن يتغيّر من اعتماده تقليدياً على حفظ المعلومات، إلى نظام يهتم بشحذ الأذهان للتعامل مع المعلومات وفهم مدلولاتها والتفاعل معها.
ويعطي للمربين العرب نموذجاً غير مألوف، بالنسبة لما يكمن أن يصير إليه تدريس العلوم، خصوصاً في المدارس والثانويات، في ظل ثورة المعلوماتية. وإذا جعل الكومبيوتر مسألتي الوصول إلى المعلومة وتوافرها خلف ظهر النظام التعليمي، فقد بات ملحاً أن يتغيّر ذلك النظام لكي يعطي اهتمامه إلى فهم المعلومات والتفاعل معها أولاً. على رغم ذلك (أو ربما بسببه)، فإن التسلية والإمتاع هما أسلوب عرض الحقائق العلمية التي يعالجها هذا الكتاب.