هناك موروث أدبي في عربيّتنا للعلاقة بين الموسيقى والشعر، يشهد عليه كتاب الأغاني لأبي الفرج. ولكن ما من موروث في الفكر النقدي يضاهيه، في سبر غور هذه العلاقة. في الأفق النقدي الغربي متّسع لا محدود لنامل العلاقة منذُ نشأتْ الحاجة الموسيقية لدى الإنسان الأول، ومنذ نشأ الشعر.
إن حكاية ولادتهما توأمين، ثم انفصالهما عن بعض، ثم الحنين الضارب في كل منهما إلى الآخر، قالشاعر موسيقيًّا ساعيًا إلى التجريد الصوتي. هذا الكتاب محاولة تقديم وجبة غذاء لكلا الطرفين: الشاعر والموسيقي، وللقارئ الذي يشغله الشعر والموسيقى مد أملَتْ على الدارسين وعلى الشعراء والموسيقيين، آلاف الكتب والمقالات. حتى ليبدو الموسيقيّ شاعرًا دون كلمات، وعًا. محاولة لاستثارة حاجةٍ دفينة، طمرَتها العادة والكسل الروحيّ.