هذا الكتاب مجموعة روايات شخصية عن أحداث شهدها العراق في اكثر من نصف قرن من الزمان، هي «تجارب شخصية» عن أحداث ووقائع عامة في بلد متنوع إثنياً ودينياً وطائفياً، تأسست إدارته بوصفه «دولة حديثة» بأيدي البريطانيين، 1921، بنظام ملكي، ثم أقرّ نظاماً «جمهوريا» في «انقلاب» أو «ثورة» العام 1958، التي تعرّض قادتها بدورهم إلى «انقلاب» في العام 1963، ولم يلبثوا حتى «انقلب» عليهم زملاؤهم في العام 1968، ومنذ هذا العام الأخير راح نظام الحكم يستغرق بـ«تصفيات» داخلية، تخللتها حروب ثم عقوبات اقتصادية لمدة زادت عن عشر سنوات لتنتهي بإسقاط النظام، وسرعان ما تغير نظام إدارة العراق، بأيدي قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة وبريطانيا في ربيع العام 2003. لكن تحولات نظام الحكم في البلد لم تتوقف، مثلما لم تنته أفعال العنف فيه، فيما كانت الحياة الاجتماعية تموج بتحولات لا تستقر. أي من هذه التحولات والتغيرات تروى، في المستوى غير الرسمي، «التاريخ الشفاهي»، بمضمون يختلف، أو حتى يتناقض، حسب الخلفية الإثنية أو الدينية أو الطائفية أو الحزبية، إلخ، حتى ليصير التاريخ كله محض «صورة عن الحقيقة» وليس «حقيقة». على أن هذا «التاريخ الشفاهي» برمته لا بد أن يروى ويدوّن ويُناقش من أجل الخلاص من مصادر الاختلاف والانتقام فيه، بل أيضاً لإحياء لحظات التعايش والتفاهم والانسجام، ليُعزل في نهاية المطاف «جامداً» في «متحف التاريخ»