أحيانًا، يتوجب على السائر الرجوع عن الطريق على الرغم من مشارفته الانتهاء. وقد يحدث أن يتسلى– عن عزيمة جَبَّارة لا تعرف الكَلَلَ- فيقرر التوقف عن السير فى هذا الطريق حتى يجرب طريقًا آخر لا معرفة له به. وأحيانًا، يتوقف عن السير كى يتدبر مستعلمًا مستشكلاً، لعله يكون أخطأ ولعله يكون أصاب، وفى الحالين- الخطأ والإصابة- يحتاج إلى استعلام واستشكال كى تتسع الرؤية وتزيد الهمة، إما بالعيون نفسها أو بعيون أخرى... إن القراء الذين يؤيدون استراتيجية التفكيك وفيلسوفها دريدا لأسباب متنوعة قد يكون من المفيد لهم تجربة الطرق العكسية؛ فلعل السير عكس الطريق ينفع الطريق نفسه أو يقترح طريقًا جديدًا. الطرق العكسية مضمونة دومًا وإنْ بدت مؤدية إلى خسران، وإنْ بدت خاسرة. أما القراء الذين يرفضون استراتيجية التفكيك لأسباب متنوعة أيضًا فلَسوف يزيد هذا الكتاب من رفضهم ويُعَمِّقُ أسبابَهم على تنوعها، وتلك خسارة تقليدية لا ربح فيها، وإنْ بدت رابحة. وبغضِّ النظر عن موقفى التأييد أو الرفض، سيَلقى الكتابُ احترامَ قارئه العربى لما فيه من خلاصة تجربة طويلة فى النقد والنظرية أودعها المؤلف بكل مهارة واحتراف.