يستهل فتحي ألبس سيرة جيله من خلال ما يشبه سيرته الذاتية قائلا: "عندما تنثال الذاكرة، تأخذ أشكالاً ثلاثة: صوراً وأحداثاً واضحة وجلية، وصوراً وأحداثاً ملتبسة تحتاج إلى تدقيق وفرز للاقتراب من الحقيقة، وصوراً وأحداثاً تستدعيها الذاكرة حسب ما تمنى الإنسان أن تكون، وليس كما كانت، وبالتالي، تعكس أماني الإنسان وأحلامه وقت وقوع تلك الأحداث. ولا تخلو ذاكرتي المنثالة من كل هذه الأشكال". سيرة ذات مذاق حميم، يجتمع فيها الخاص والعام، تنثال من ذاكرة غنية بالتفاصيل الغزيرة، بالمتع والمعاناة، بالحب والصراع، بالخوف والجسارة، بتفتح الوعي وتفتح الجسد. إنها ذاكرة ممتعة حقاً وشجية إلى حد بعيد، وزاخرة بالأحداث ، تبدأ بمخيمات الضفتين الشرقية والغربية، ترصد تأسيس المخيمات وشقاء سكانها وإصرارهم على المواجهة من خلال تفاصيل الحياة اليومية : شقاوة الأطفال ومراوغة المراهقين وبواكير العمل السياسي وتفتح االقلب، وتحدي الصعاب ، إلى الانتقال إلى بيروت من مخيم البقعة الذي أفرد له الكاتب مساحة واسعة بعنوان "مخيم البقعة طين وسقعة" . يترك الكاتب ذاكرته تنثال بعفوية وبصدق وشفافية.