
كما يغني بوب مارلي - أحمد العلي
هذا إيوانُ شيخ الجغرافيين الإدريسي، وهنا قسم الخرائط في مكتبة نيويورك حيث ينتظرني كولومبُس و بحّاروا مالطا وقراصنة عُمان خلف الباب. رَسم خريطةٍ للعالم، هل يبدو هذا سهلاً؟ هل يبدو طبيعيّاً؟ أن ترسم خريطةً للكون! هل تعرف مالذي يعنيه هذا؟ يعني أن تُقسّم روحك في ثلاث: الشّراع و الفرجار و البوصلة، أن تلمس حوافّ القارات برؤوس أناملك عندما تُبحر، و تزيح الرّمل هنا وهناك لتغرس جبلاً أو قلعةً و أنت مُنحنٍ بالفرجار على الورقة. نحن بحاجةٍ إذاً لتسجيل الحضور الجسدي للأرض، لكن خرائط العالم القديم تُحَفٌ فلسفيةٌ تختصر نظرة الشعوب البشرية للعالم ثقافياً أيضاً، فالمُلفت في خريطة الإدريسي -مثلاً- أنّه حدّد مكان جزر الواقواق التي يختبئ فيها الخضر والمهدي (في منطقة بين القطب الجنوبي والصين)، و موقع سور يأجوج ومأجوج الحديدي الذي رفعه داوود سادّاً بوّابة وادٍ يمنع شعب يأجوج من افتراسنا (شمال روسيا)، سَجَنَهم هناك. هل من مصورٍ شابٍ يحمله قارب لهوه لتلك الأماكن، يصوّر الخرافات على طبيعتها، تسبح في البحيرات وتصعد درج قوس قزح لتسليم الرسائل؟.