ربما كان كتاب الكواكبي عن الاستبداد أجمل ما كتب , ولكن يبقى الباب مفتوحاً إلى تطوير وإضافة أفكار جديدة في نماذج الطغيان التي تتحف التاريخ الإنساني دوماً. مع هذا يجب أن لا تستولي علينا الكآبة, فالكون يمشي نحو الأفضل , والجنس البشري يتخلّص من هذا القبح تدريجياً , ولتعلمنّ نبأه ولو بعد حين . الكون لم يُبن عبثاً, ولا فوضى ولا سُدى , بل بالحق والغائية والجمال والقانون,الاستبداد مرض اجتماعي يمكن أ يصيب أي مجتمع , وليس من مجتمع محصّن ضدّه وانتشار الاستبداد في العالم العربي يجب أن نفهمه مقلوباً, ليس في وجود المستبديّن , بل في الاستعداد لنمو مثل هذه الحشائش السامة في التربة العربية . في نفس كل واحد منّا فرعون وشيطان وهامان والنمرود ,جالسون يتربصون , وعلى المؤمن دفع هذا الوسواس الخناس من الجنّة والناس . أخطر التجليات هي عدم وجود المعارضة التي تمنح التوازن في المجتمع, ولذا فالمشكلة ليست في إزالة الطاغية , بل في بناء مجتمع محصن ضد الطغيان.