محاولة لقراءة المستقبل قبل فوات الأوان. فقد بدأ العالم يتشكل من جديد وستشهد السنوات القليلة القادمة خريطة عالمية جديدة. وهي خريطة قد تحافظ على حدود الدول ومسمياتها، ولكنها ستغير مناطق الهيمنة والمصالح والنفوذ. كما أنها ستغير الكتل والتحالفات وتحاول صنع (ميزان قوى) جديد تكون فيه الولايات المتحدة الأميركية القوة الرئيسية الوحيدة ومركز الجذب الذي تدور حوله كافة الدول بما في ذلك القوى الكبرى التي يمكن أن تظهر خلال سنوات أو عقود قادمة. إن غاية هذا الكتاب ذات طبيعة مزدوجة، أكاديمية، وسياسية، فهو جهد أكاديمي يهدف إلى خدمة طلاب العلاقات الدولية والعلوم السياسية بتقديم قراءة لهم عن سياسة دولة عظمى تجري أمامهم يومياً، لكن الغاية السياسية هي الأهم، فهو يهدف إلى المساهمة في المعرفة السياسية للوطن العربي الذي جعلته السياسة الأمريكية هدفاً لعدوانها، ولعلنا بهذه المعرفة والإدراك نستطيع أن نتجنب كوارثها. فالكتاب من حيث اهتمامه بالماضي عكف على تحليل تطور الهيمنة الأميركية في كل مرحلة تاريخية شهدها القرن العشرين فتابع تطور ما أسماه (قوس الهيمنة) منذ بداية المرحلة حتى نهايتها ليكشف أن الهيمنة الأمريكية تحققت خلال القرن العشرين عن طريق أقواس متتابعة تمتد نحو الشرق في كل مرحلة دون تراجع أو نكوص. وذلك هو العنصر الأول في هذا الكتاب. إن الاستنتاج الرئيسي الذي يخرج به هذا الجزء التاريخي من الكتاب هو التقدم غير المحسوس كثيراً الذي تقوم به الولايات المتحدة لزيادة أقواس هيمنتها ومناطق نفوذها... إن هذا الاستنتاج هو المفتاح الرئيسي لفهم المستقبل، وتأسيساً على ذلك فإن قوساً جديداً بدأت تخطط له الولايات المتحدة، وذلك هو الاهتمام بالمستقبل، فأين ستكون حدود هذا القوس؟ وأين مناطق الصراع التي ستحققه؟ فذلك هو ما يجري بحثه لفهم الحاضر والمستقبل وذلك هو العنصر الثاني في هذا الكتاب. قرأءة المزيد