الكتاب هو محاولة تسعى إلى فهم الحب في زمن متغير، انتقلت فيه المجتمعات الأوربية المعاصرة من الحداثة الصلبة إلى الحداثة السائلة، من حالة متمايزة من طرائق الحياة الإنسانية إلى حالة أخرى، داعيا المؤلف إلى إعادة النظر في المفاهيم والأطر المعرفية المستخدمة لرواية تجربة فردية الإنسان والتاريخ المشترك. ويرى باومان في حديثه عن تطورات المجتمعات الأوربية الحديثة أن كل الروابط التقليدية قد فقدت سيطرتها، هذا معناه أن الروابط الثابتة والممتدة في الأسرة، والطبقة الاجتماعية، والدين، والزواج، وربما حتى الحُب لم تعد حقيقية أو مرغوب فيها كما كان من قبل. مشيرا إلى أن التأقيت والمدى القصير اللذين تقوم عليهما حسابات المجتمع الاستهلاكي الحديث، يقومان بتوليد الحاجات بشكل مستمر، وتحويل كل قديم إلى شيء مستهجن يستحق أن يوضع في سلة النفايات، بما في ذلك المشاعر والأجساد والصلات. وبحسب د.هبة رؤوف عزت في تقديمها للكتاب، يأخذنا باومان في رحلة تبدأ من الفلسفة، لتدخل في صلب الاجتماع ثم تنتهي بالسياسة. فباومان يسعى إلى فهم طبيعة «الحالة السوسيولوجية» التي تعيشها مجتمعاتنا، ويريد هنا أن يبيّن تجلّيات الحداثة السائلة في الوعي بالذات والخيارات الشخصية. وبدلاً من «العلاقات»، استخدم باومان «الصلات والاتصالات» إذ يرى أن «العلاقات» هي وصف عميق يعكس خيارات اجتماعية مركبة ومعقدة، ولها ثمن في مجتمع متلاحم، في حين أن إنسان الحداثة السائلة يقرر أنه لا يرغب في دفع الأثمان، ولا استثمار الوقت ولا التضحية كي يحصل على مزايا التواصل الاجتماعي. ويعبر باومان عن حالة القلق والأزمة التي تعيشها الأجيال الحالية قائلا: "يجد الجيل الحالي أن الصورة المشرقة البراقة لعالم زاخر بالثقة وجدير بها، إنما هي صورة بعيدة المنال، صورة تتعارض تماما مع ما يتعلمونه كل يوم، وما تشير إليه السرديات الشائعة للتجربة الإنسانية، وما توصي به استراتيجيات الحياة التي يسمعونها كل يوم.   قرأءة المزيد