سلالم ترولار - سمير قسيمي
يرسم الكاتب مسارات أبطاله، فوق الحد الفاصل بين الواقع الذي تعرفه الجزائر والخيال الأكثر قابلية منه للتصديق، وتتشابك المصائر حينا وتفترق حينا آخر.
وفي النص يوكل الرجل الضئيل، القابع في مكان ما بين الظلمة والنور، إلى جمال حميدي الدميم، العنين والمشوه نفسيا، وهو عميد البوابين في البلد، أمر مواجهة الوضع، وسيحتاج إلى أن يغلق الأبواب التي فتحت في عقولهم أولا، ويوهمهم أنه يمتلك الحلول لمشاكلهم كافة، رغم أنهم اكتسبوا قدرة على التكيف، ولم يطل بهم الوقت حتى بدا لهم الأمر طبيعيا كما لو أنه كان كذلك منذ الأزل، ويبدأ في إيهامهم بأنه خرج من بين ظهرانيهم وبإمكانه أن يقودهم إلى الفكاك من السلطة التي تستعبدهم، وهي السلطة نفسها التي جعلته رئيسا عليهم.
وعبر السرد نكتشف أنه في "ترولار"، بالقرب من قصر الحكومة، تسكن أولغا، أو حورية، طليقة جمال حميدي، التي تزوجها عندما كان يعمل بوابا في وزارة الثقافة، وكانت تذهب إلى هناك باعتبارها شاعرة يحارب موهبتها الحظ والناس، ولدت سفاحا على إثر شهوة عابرة، وتولى تربيتها -بأمر من جدها- الرجل الضئيل إبراهيم بافولو المزابي اللامرئي، بينما في العمارة المقابلة لها يقطن روائي كان يكتب نصوصا ويمنحها لآخر ينشرها باسمه، ففي المدينة/الدولة كل شيء يتم تقمصه ببراعة وينال المجد دوما من لا يستحقه، قبل أن يقرر أن يكتب لنفسه، تتزامن روايته مع اختفاء الأبواب، ويؤثث فراغ الليل تحت شرفته قطة تظل تموء ولا يعرفها أحد، ومعها عصام كاشكاصي، أحد الناس اللامرئيين الذين لا عدد لهم، يقتات على ما يجده في القمامة، يلوح بيده للكاتب ليعطف عليه بسيجارة، وكل حلمه أن يعيش غده، بينما لا تلقي له أولغا بالا، ستلتقي الأقدار في الأخير، لتسقط المزيد من الأبواب، أبواب التاريخ الأسود لسلطة اغتصبت عرش سماء المدينة/الدولة، ويظهر أن الرجل ذا السلطة هو جد أولغا، وأن عصام كاشكاصي هو والدها، عاقبه أشد عقاب، حتى جعل الموت يعافه وهو يعيش بين المزابل معتقدا أن الأمل كل الأمل هو انتظار الغد.
ينتهي الروائي من نصه ويطاوعه الإلهام، وتعود الأبواب، جمال حميدي رئيسا بحكومة تضم أشخاصا غريبي الأطوار ومشوهين، ويبقى عصام كاشكاصي رجل القمامة يطارد الغد الفارغ، والرجل الضئيل مستمتع بساديته وهو يراه يتعذب ليعاقبه على جريمة التطلع والتطاول إلى امرأة من أعلى المدينة، حيث الآلهة لا تقبل شريكا