تنتمي كاتبة هذه الرواية الأدبية الألمانية آنا زیغرز إلى أدباء القرن العشرين ، وهي تعد واحدة من مشاهير الأدب الألماني الحديث وقمة من قمم إبداعه . وهي من القلة التي التزمت الفن القصصي بأنواعه ، فقد كتبت الرواية والقصة والأسطورة والحكاية . وتميز أسلوبها بنبذ الذاتية المفرطة في أعمالها الأدبية وبسعيها الدؤوب إلى استلهام موضوعها وخلق أبطال قصصها وشخوصها من طين الواقع ، من المجتمع بنقائضه وصوره المختلفة . لذا وبفضل هذا الصدق الموضوعي وحرارة الذات والالتصاق بالهم الإنساني تجسد ذلك في الصدق الفني الذي يعمر كتابات هذه الكاتبة الكبيرة التي تعد من شوامخ المدرسة الواقعية الحديثة .. وتجسد ذلك في حياة الكاتبة موقفا وفنا . ولقد وازنت بدقة في قيادة عربة هذا الأدب بين حصاني الفكر والفن فتواكبا ولم يسلب أحدهما مساحة الآخر ، فجاءت هذه المعادلة في الفن التي لا يحقق توازنها سوى المبدعين الكبار . كان البطل يفتش فعلا عن النصف الثاني من ذاته ، ذلك النصف الذي لا يعوضه بديل .. إن رحلة بینیتو هذه - وعلى رأي بعضهم - تمثل بحق أوديسة الشعب المكسيكي ، حيث بعد عناء ومشقة يعثر البطل على قريب له هو روبن كان قد اكتشف الصبغة بعد بحث مضني بين أنقاض ونفايات المنجم المتخلفة على المنحدر .. لم تكن الصبغة الزرقاء صبغة عادية عند روبن بل اكتشاف عظیم وهي سر أسعده لحظة وملأ حياته ، لذا عاهد نفسه على الحفاظ عليه .. وحين تأكد أن بينيتو ليس باحثا عن الصبغة فحسب بل إن الصبغة تشكل جزءا منه أيضا ، قدم له ما يحتاج إليه . إن الدافع الرئيس وراء « الصبغة الزرقاء » مختلف تماما عن الدافع وراء « الوردة الزرقاء » التي كانت رمزة أدبية في خيال الرومانسيين . إن الصبغة الزرقاء هي رمز لواقع الإنسان المكسيكي البسيط ولأصالته التي تمتد جذورها عميقا . لقد كشفت الكاتبة : خلال بحث بينيتو وروبن واكتشافها أن صبغتها بزرقتها النقية قد استحوذت على قلوب شرائح واسعة من المجتمع . ذلك لأنها فن شخصي وحقيقي رسخ وعاش على مر الزمن من خلال الإبداع الفردي اليومي حتى صار جزءا مكملا للحضارة فيما بعد . وهو من هذه الزاوية الواسعة فن وتراث وليس بضاعة تجارية . كانت الكاتبة تنظر وتتفحص هذا الأمر من خلال منظار الإنسان وليس من منظار السائح . هكذا عاشت آنا زیغرز أعوام المنفي في المكسيك - عاشت تبحث عن العلاقة بين المفيد النافع والجمال ، بين الفن والعمل . وقد وجدت ذلك لدى الخزافين المكسيكيين . الإبداع الشخصي الفريد يكمن في ذات كل إنسان وهو ينمو ويتطور من خلال الالتزام بالإخلاص له . وقد برهنت على هذا رواية الكاتبة وحياتها بتجربتها الثرة .
الارزق ، آنا ، انا ، زيفرز