التفلسف تحطيما لأصنام التضليل - عبدالجليل الكور
يَنبغي أن يون بيِّنًا أنَّ الجَهْلَ بكَيفيَّة اشْتغال «التَّفَلْسُف» هو ما يُبَرِّرُ ادِّعاءَ إِمْكان مُمارسة التَّفكير تمحيصًا نَقديًّا وتدليلًا عَقليًّا من دون أيِّ تَوْجيهٍ عَقَديٍّ أو تمييزٍ قِيْميٍّ, وحينما يُؤخَذُ «التَّفَلْسُف» هكذا كما لو كان ذا أَفْضليّةٍ جَوْهَريَّةٍ تَسمُو به على أَشْكَال التَّفْكير الأُخْرى (بالخصوص تلك التي تتصلُ بـ«الدِّين» كـ«الفِقه» و«التَّصَوّف»). فإنَّه يصيرُ صِنْوَ «التَّضليل» في المَدَى الذي يُظَنُّ أنَّ «المُتَفلسِف» يأتي من الخِطاب والسُّلوك ما يُعَبِّر فقط عن «العَقْل» فَهمًا بلا إغراضٍ عَمَليٍّ وحُكمًا بِلا تَفضِيلٍ قِيْمي. وإذا كان «التَّضليلُ» المُتخفِّي تحت رِداء «العِلم» و«الفلسفة» شائعًا في المجال الغَرْبيِّ نفسه، فإنَّ ما لا يُمكِنُ إنكارُه هو أنَّ الحالَ في مَجال تداوُلنا أسوأ من بكثيرٍ، وذاك إلى الحَدِّ الذي يَصعُب معه أنْ يُصَدَّقَ أنَّ مُعْظَمَ الذين يُعَدُّون لَدَينا قاماتٍ سامِقةً في الفِكْر سيَنكشفُون - بعد أيِّ فحْصٍ مَنْهَجِيٍّ لِأعمالهم - بأنهم ليسوا سوى مُضَلِّلين أو دَجَّالين بامتيازٍ! ولَعلَّ شَذَرتِ «التَّفَكُّر» المَعروضة في هذا الكِتاب تُساعِدُ على اكتِسابِ مزِيدٍ من «التَّيَقُظ» و«التَّبصُّر» بما قد يَكفي للمُساهمةِ في اكتسابِ القُدرة على «التَّفَلْسُف» و، من ثَمَّ، الدُّخُول في مُقاوَمةِ «التَّضلِيل» المُمارس بينَ ظهرانينا «باسمِ التَّفَلْسُف» عَيْنِه.