هذا الكتاب محاولة لإعطاء صورة لتفاعل النظرية اللسانية الحديثة مع الأنساق العلمية الأخرى. فلقد شهد النصف الثاني من القرن العشرين ظهور موجة معرفية هي موجة (العلوم المتداخلة الاختصاص) interdisciplines، وكان الأساس الابستمولوجي لانبثاق هذه الموجة هو وصول فلسفة العلم إلى تحول يكاد جذرياً في نقض فلسفة العلم الكلاسيكية التي نظرت إلى الظواهر باعتبارها ذرات، أو أجزاء، أو عناصر، وليس بالنظر إليها في كليتها القائمة، أو من منظور كونها (نسقاً مفتوحاً) open system. ولقد كان لهذا الإطار الفلسفي تأثيره في الدرس اللساني الذي شهد بدوره ظهور عدة اتجاهات قائمة على التكامل مع حقول معرفية أخرى، كاللسانيات النفسية، واللسانيات الاجتماعية، واللسانيات الفلسفية، واللسانيات العصبية، واللسانيات الإدراكية... الخ، وبطبيعة الحال فقد ذلك إلى نتائج جديدة، وإلى إعادة طرح كثير من القضايا اللغوية التي سبق فحصها من منظورات مغايرة.