الاستشراق البريطاني في القرن العشرين - ناصر عبدالرزاق الملا جاسم
يرصد الكتاب تفاعل المستشرق البريطاني السير هاملتون جب بوصفه أحد أبرز ممثلي الاستشراق البريطاني في القرن العشرين، مع البيئة الفكرية والسياسية ومع تقاليد الاستشراق من جانب آخر، ناهيك عن ضرورة الالتفات إلى كونه أقرب المستشرقين البريطانيين إلى الشرق، سواء كونه عضواً مؤسساً أو مؤازراً في المجامع العربية في القرن العشرين، وصداقاته مع رجال الفكر والسياسة العرب، أو في تخرج عدد مهم من طلبته في الشرق والغرب وتبوئهم مواقع بارزة في ميادين متنوعة في الشرق والغرب.
وبما أن هذا العمل لا يقتصر على دراسة سيرة المستشرق البريطاني الكبير الشخصية والعلمية، وإنما ينطلق منها لتحديد أوجه تفاعله مع بيئته الاستشراقية، وإبراز طبيعة وقيمة إسهاماته في حقل الدراسات العربية والإسلامية، على ضوء تأثر هذه الأفكار بتلك البيئة وتأثيرها فيها، وينصب جهد المؤلف في ثلاثة اتجاهات: الأول إعطاء القارئ تصوراً واضحاً عن طبيعة إنجازات جب في دراسة التراث الإسلامي العربي، ومتابعة تطور مواقفه وآرائه من هذا التراث وفقاً للتطور الزمني وللمراحل التي مرت بها شخصيته الأكاديمية.
والأمر الثاني بيان تفاعل هذه الأفكار والمواقف مع الجو الفكري الذي نشأ وتحرك فيه، عن طريق رصد دور أساتذته أو قراءاته المتنوعة أو ما أنتجه زملاؤه من المستشرقين أو المؤرخين من أعمال في تطور أفكاره، أما الهدف الثالث فيبتغي محاولة رصد طبيعة التلقي الغربي والشرقي لطروحاته عن طريق تتبع ومناقشة ردود الأفعال التي قوبلت به في الأوساط الاستشراقية أو العربية الإسلامية، وتثمين طبيعة الإضافة التي قدمتها نتاجاته هذه على صعيد البحث التاريخي في حقل الدراسات العربية والإسلامية، وأخيراً بيان مدى افتراق أو اتفاق التصورات التي نادى بها هذا المستشرق مع ما تقدمه المصادر الأولية العربية ومدى اقترابه أو ابتعاده عن الصورة الداخلية التي تبلورها هذه المصادر.