شكلت المرحلة التاريخية التي عاشتها الإمبراطورية الرومانية مرحلة حاسمة في التاريخ العالمي، فمن حيث التوسع شهدت الإمبراطورية امتداداً واسعاً جداً جعلها من أكبر إمبراطوريات لعالم القديم، ومن حيث الأحداث شهدت هذه المرحلة حروباً متلاحقة، لكنها شهدت أيضاً سلماً وصف بالسلم الدائم أحياناً، وقد تعزز هذا السلم، كما تعززت الحرب بالعديد من الأمور القانونية، إذ شهدت الإمبراطورية تطوراً لم يكن معروفاً في العالم القديم، وهو الاعتراف بحق المواطنية، فالمواطن الروماني لم يكن تابعاً لإقليم معين أو لأسرة معينة أو لمنتصر بعينه، بل كان ذلك حقاً اكتسبه جميع سكان الإمبراطورية الشاسعة، كما أن حق الوصول إلى لقب الإمبراطور مع ما يتبعه وما يتعلق به، لم يكن حقاً محصوراً، بل كان حقاً تفرضه ظروف الحرب والسلك والانتصارات والهزائم، وهذا ما جعل الإمبراطورية تتعزز لفترة طويلة وتتفادى الانقسامات والمشاحنات ولم يكن ذلك يعني عدم وجود تطاحن على السلطة، في مساحة ضمت الجرمان إلى الإيطاليين والأفارقة إلى الآسيويين، بل يعني إقراراً بحق الوصول دون عقبات مسبقة، وإن ظهرت العقبات لاحقاً، فإن إزالتها كان أمراً ميسوراً.