ليست المسألة إذاً بالنسبة إلى صاحب «النّدم الفكري» هي أن يكتب عن الأوروبيِّيْن أو عن الأدب العربي، وإنّما أن يواجه، كما يقول رهاناً صعباً: ألَّا يكتُبَ كالأوروبيِّيْن، وأن يَختلف في الآن نفسه عن المؤلِّفين العرب. المسألة إذاً هي أن يكتب عن أولئك وأن يكتب عن هؤلاء، لكنْ، شريطة ألَّا يكتب لا كأولئك ولا كهؤلاء. من الكتاب:
يحكي لنا نيتشه في أفول الأصنام «كيف أصبح عالم الحقيقة في النهاية حكاية»، وكيف اختفى العالم الأفلاطوني والمسيحي والمثالي الذي كان مرجع الظواهر، ثمَّ يتساءل: «ماذا يتبقَّى لنا بعد هذا الاختفاء؟ أهو عالم الظواهر؟ ويجيب، كلَّا، إننا عندما قضينا على عالم الحقيقة محونا عالم الظواهر». فليس اختفاء عالم الحقيقة حلولاً للعالم الواقعي الذي تتحدَّث عنه الوضعية، إنه على العكس من ذلك، انهيار للازدواجية ذاتها، للتقابل بين الحقيقة والظواهر، بين الواقع والخيال، ليصبح الخيال واقعاً وعالم الحقيقة حكاية، أي، شيئاً يُروى ولا يوجد إلَّا في السرد وبه.
تقويض الميتافيزيقا إذن معناه أن يصبح العالم حكاية. غير أن «الشّرط الأساس للحكاية هو الانتقال، أي اجتياز العتبة الفاصلة بين فضاءَيْن» (ص. 109)[3]: الفضاء المألوف والفضاء الغريب. الشّرط الأساس لتقويض الميتافيزيقا وللسّرد هو الانتقال من «الألفة إلى الغرابة».
يحكي لنا نيتشه في أفول الأصنام «كيف أصبح عالم الحقيقة في النهاية حكاية»، وكيف اختفى العالم الأفلاطوني والمسيحي والمثالي الذي كان مرجع الظواهر، ثمَّ يتساءل: «ماذا يتبقَّى لنا بعد هذا الاختفاء؟ أهو عالم الظواهر؟ ويجيب، كلَّا، إننا عندما قضينا على عالم الحقيقة محونا عالم الظواهر». فليس اختفاء عالم الحقيقة حلولاً للعالم الواقعي الذي تتحدَّث عنه الوضعية، إنه على العكس من ذلك، انهيار للازدواجية ذاتها، للتقابل بين الحقيقة والظواهر، بين الواقع والخيال، ليصبح الخيال واقعاً وعالم الحقيقة حكاية، أي، شيئاً يُروى ولا يوجد إلَّا في السرد وبه.
تقويض الميتافيزيقا إذن معناه أن يصبح العالم حكاية. غير أن «الشّرط الأساس للحكاية هو الانتقال، أي اجتياز العتبة الفاصلة بين فضاءَيْن» (ص. 109)[3]: الفضاء المألوف والفضاء الغريب. الشّرط الأساس لتقويض الميتافيزيقا وللسّرد هو الانتقال من «الألفة إلى الغرابة».