لن أتطرق هنا إلى الخلاف القديم حول ما إذا كانت البشرية تشكل وحدات تاريخية متكاملة أم إننا، حسب مفهوم هردر (Herder): فیلسوف وشاعر ألماني كبير(1744 - 1803م)، لا نستطيع أن نرى منها ونفهم حقا إلا «شذرات» متفرقة. كما أنني لن أتحدث عن أن المفهوم الجديد للهومانية الإنسانية لا يشترك إلا بالاسم مع المفهوم القديم الكلاسيكي العلمي الذي له معان عديدة صارت مستهلكة لكثرة الاستعمال. بل إنني سأقتصر كليا على مجال الدراسات الإسلامية محاولا أن أبين أين يهدد الموقف الجديد الرامي إلى التوحيد ثقافية بأن يضيق حقل النظر التاريخي بطريقة غير جائزة بدلا من أن يوسعه.
فالمشاكل التي يضعها الشرق الأوسط المستفيق من كبوته أمام حاضرنا القلق لا تقتصر بأي حال على مشاكل السياسة والاقتصاد وحدهما. بل إننا لا نجد في جميع هذه الظواهر المقبضة غالبأ سوى الوجه الخارجي لتحول داخلي أكثر عمقا تتعرض له الشعوب الإسلامية الشرقية منذ عدة أجيال. إن المتطلبات الثقافية للزمن الحاضر والتي تشمل حقا العالم بأسره تلزمنا، وعلى الأخص نحن المستشرقين الغربيين، أخذ هذه الفكرة العظيمة على محمل الجد ودعمها بكل ما لدينا من قوى. وطالما تتجلى هذه الإنسانية الجديدة - أو الأصح: الأكثر جدة - في المقام الأول في ضوء الأخذ والعطاء الحالي المثمر من المنتوجات والإنجازات الثقافية، سنعترف أيضا بكل الرضى بما يترتب علينا نتيجة ذلك من التزامات، إلا أن هذا لا ينطبق كليا على النظر إلى الماضي ودراسته، فهنا توجد مؤثرات مريبة لا بل وخطيرة للموقف الجديد البشري العام الذي يعمم التناقضات ويمحوها في الوقت نفسه فالدعوة إلى العودة إلى الماضي وإلى تجديد وإحياء الإرث الثقافي الإسلامي تجد اليوم أقوى صدى في بلدان إسلامية عديدة من المغرب وحتى باكستان وإندونيسيا «البعث - والتجديد - والنهضة»: هذه ليست مجرد عبارات كفاحية وشعارات نضالية للحاضر والمستقبل بمعنى إحياء اليقظة الآسيوية. بل إنها ترمي أيضا إلى إدخال صورة الماضي في الجدل الدائر حاليا بين الغرب والشرق.
فالمشاكل التي يضعها الشرق الأوسط المستفيق من كبوته أمام حاضرنا القلق لا تقتصر بأي حال على مشاكل السياسة والاقتصاد وحدهما. بل إننا لا نجد في جميع هذه الظواهر المقبضة غالبأ سوى الوجه الخارجي لتحول داخلي أكثر عمقا تتعرض له الشعوب الإسلامية الشرقية منذ عدة أجيال. إن المتطلبات الثقافية للزمن الحاضر والتي تشمل حقا العالم بأسره تلزمنا، وعلى الأخص نحن المستشرقين الغربيين، أخذ هذه الفكرة العظيمة على محمل الجد ودعمها بكل ما لدينا من قوى. وطالما تتجلى هذه الإنسانية الجديدة - أو الأصح: الأكثر جدة - في المقام الأول في ضوء الأخذ والعطاء الحالي المثمر من المنتوجات والإنجازات الثقافية، سنعترف أيضا بكل الرضى بما يترتب علينا نتيجة ذلك من التزامات، إلا أن هذا لا ينطبق كليا على النظر إلى الماضي ودراسته، فهنا توجد مؤثرات مريبة لا بل وخطيرة للموقف الجديد البشري العام الذي يعمم التناقضات ويمحوها في الوقت نفسه فالدعوة إلى العودة إلى الماضي وإلى تجديد وإحياء الإرث الثقافي الإسلامي تجد اليوم أقوى صدى في بلدان إسلامية عديدة من المغرب وحتى باكستان وإندونيسيا «البعث - والتجديد - والنهضة»: هذه ليست مجرد عبارات كفاحية وشعارات نضالية للحاضر والمستقبل بمعنى إحياء اليقظة الآسيوية. بل إنها ترمي أيضا إلى إدخال صورة الماضي في الجدل الدائر حاليا بين الغرب والشرق.