الأمطار الغزيرة تتساقط على سليغو دوما، تتساقط على الشوارع والأزقة، تبعث الرعشة في المنازل، وتجعل الناس تحتشد مثل جمهور المتفرجين على مباراة كرة القدم، تنهمر الأمطار بشكلٍ خيالي وبكمياتٍ مهولة قد تكون بمقدار محتوى مئات الأنهار. ونهر غرافوج نفسة يتضخم حجمه، والبجهات الجميلات تنجرف على حين غفلة مع المياه أسفل الجسر وتظهر هناك في الجانب الآخر من النهر، مثل محاولات انتحار لم تنجح، تملأ الحيرة عيونها السوداء من جراء الصدمة، وجمالها الأخاذ يظل مسالما. كيف لهذه البجعات أن تكون متوحشة وهي في هذا الجمال المعروف. والأمطار تتساقط أيضا على الأرصفة خارج مقهى القاهرة، حيث سحبت معها السخانات والآلات حدقت عبر النوافذ الضبابية بعيون محترقة. يبدو الأمر هكذا. إذن من أنا؟ شخص غريب، ومازال غريبا، يخبئني في نفسي، في عظامي وفي دمي. يختبئ في تجاعيد الجلد الذي يكسوني. أنا هي الفتاة التي كانت يوما ما. بالأمس، بدأت أكتب عن مقهى القاهرة، ولكن داهمتني تلك المشاعر الرهيبة. كأن عظامي تتحول إلى مياه، مياهٍ باردة. كان يسميه الدكتور غرين شيئا وهو يتفقدنا. كان تأثير كلماته مثل لوح يهوي على قمة زهرة جافة. رقدت في سريري طوال اليوم، أشعر أني عجوز في الغابرين، متهالكة، مذعورة.