هنا ينشر للمرة الأولى السجل الخاص لصداقة عميقة وعلاقة حب رومانسي مع الأدب استمرت على امتداد المسار الطويل لحياة كاتبين ، رغم الظروف كلها . بدأت بغداء تم مصادفة في محيط مدينة باريس في أواخر عام ۱۹۳۱ ، وذلك عندما تعرفت أنييس نن ، زوجة هيو بارکر غويلر ذات الثمانية والعشرين عاما ، وكانت في ذلك الوقت امرأة شابة على أهبة الاستعداد للانطلاق في مغامرة عقلية وجسدية ، إلى هنري ميللر ، « الكاتب المتشرد » ، کما لقبه أحد الأصدقاء ، الذي كان سيبلغ الأربعين من العمر في السادس والعشرين من شهر كانون الأول ( ديسمبر ) التالي . وكانت الظواهر كلها تدل على أنهما متنافران ، لكنهما كانا يشتركان في أمر واحد : کلاهما كانا كاتبين ناشئين وعاشقين شغوفين للكلمة . وبعد مضي بضعة أشهر من تبادل الأحاديث الفكرية العنيفة - على طاولات المقاهي الفرنسية ، وفي منزل آل غويلر في لوفسيين ، وعبر سيل من الرسائل - انفجرت العلاقة لتغدو علاقة . عنيفة . على مدى السنوات العشر التالية حاول المفلس دائما الذي لقب نفسه « فتی بروکلن » و « المرأة الطفلة » الإسبانية المفرطة الحساسية ( كما اطلق عليها إدموند ولسون ) أن يؤسسا حياة معا . وعندما فشلت تلك المساعي ، لأسباب اتضحت من خلال المراسلات ، استأنف هنري ميللر وأنييس نن ، في أوائل الأربعينيات ، حياتيهما المنفصلة . لكنهما بقيا مرتبطين برباط أساسي . وبعد أن تخلصا من العواطف العابرة ، ومن تلبية كل منهما للآخر حاجاته المادية والعاطفية ، ومن طابع الرفقة الخطرة في كسر المحرمات الاجتماعية ، بقيت علاقتهما قائمة بثبات على أساس حاجتهما المشتركة إلى خلق نفسيهما عبر الكتابة . وكما كتب هنري ميللر لاحقا ، كانت سعياً « إلى إدراك نفسي بالكلمات » . بالنسبة إليه ، كانت بحثا مهووساً ، بروستياً في ماضيه والدور المريب الذي لعبته النساء فيه . وبالنسبة إلى أنييس نن ، في يوميات واظبت على تدوينها منذ الطفولة ، كانت السعي الذي لا يكل إلى حاضر عاطفي متملص . وفي شهر شباط من عام ۱۹۳۲ ، کتب میللر إلى أنييس نن « یا الله ، أكاد أجن عندما أفكر في أن يوما واحدا يجب أن يمر من دون أن أكتب . لن أستطيع أبدا أن أسرع . ولا شك في أن هذا هو السبب في أنني أكتب بحماس ، و تحریف . بيأس » . بعد مضي بضعة أشهر كتبت أنييس نن في يومياتها : « إن الشيء نفسه الذي يجعل هنري صامداً يجعلني أنا كذلك ، هو أن ما يوجد في أعماقنا هو كاتب ، وليس كائناً بشرياً.