تقوم الفكرة المركزية لهذا الكتاب على مقولة بسيطة، هي أن دور النَّقْد الأكاديمي القائم على حُكم القيمة قد تراجع، وتضاءل تأثيره، وضعفت صلته بجمهرة القُرَّاء، في ظلِّ مَدِّ النَّقْد الثَّقافيِّ الذي يتصدَّر المشهد النَّقْدِيَّ في المؤسَّسة الأكاديمية البريطانية، وكذلك الأمريكية. ويبني الأكاديمي البريطاني رونان ماكدونالد على هذا التَّصوُّر إعلانَهُ المُدوِّي عن «موت الناقد» والعمل الجاري على حفل تأبينه، في إشارة رمزية دالَّة على فقدان الناقد الأكاديمي، وكذلك الصّحفيّ، مكانتهما ودورهما في الثقافة الأنجلوساكسونية خلال العقود الأربعة أو الخمسة الأخيرة؛ وبالتحديد بعد الثورة الطُّلَّابية في أوروبا عام 1968 وصعود التَّيَّارات المعادية للسلطة، والكارهة لها، في المجتمع الشَّابِّ الداعي إلى التَّحرُّر من أشكال السلطة جميعها، بما فيها سلطة الناقد الأكاديمي، المعلِّم، الذي يُلقي وجهة نظره حول الآداب والفنون من علٍ، وكأن كلمته هي الفصل، مُنهياً كلَّ حوار وجدل وآراء فرديَّة غير عالمة في النقاش الذي يدور حول النصوص.